النساء والفتيات يختبرن الحيض من الناحية الجسدية والعاطفية بطرق متعددة ومتنوعة. هناك من ينظر إليه على أنه سر يجب إخفاؤه، وبعضنا يرى فيه تجربة أنثوية ملهمة وتمكينية، وآخريات ينظرن إليه على أنه مشكلة أو يتجاهلنه تمامًا. الخصوبة الأنثوية تُعتبر أكبر “شهادة قبول” بالمجتمع يتم طلبها من النساء عند بلوغهن، وهي جزء أساسي في تشكيل هويتنا. تتلقى معظم الفتيات الحيض للمرة الأولى بين سن 9 و 15. يختلف جسد كل فتاة ويؤثر عدد من العوامل الوراثية والغذائية وغيرها على العمر الذي تتلقى فيه الفتاة حيضها الأول.
ما هو الفرق بين “الدورة الشهرية” و”الحيض”؟
يعتمد اغلبنا استخدام كلمة “الدورة الشهرية” لوصف ظاهرتين مختلفتين، حيث إن “الدورة الشهرية” – يحتوي على الأخرى – “الحيض”. كلمة “الدورة” تصف الدورة الشهرية التي يحدث خلالها الحيض (أيام النزيف) وأيضًا خلال الدورة الشهرية تحدث الاباضة.
عملية البلوغ لا تنتهي بعد ظهور الدورة الشهرية:
بين استقبال الحيض للمرة الأولى وحتى المرة التالية يمكن أن تمر أشهر ويستغرق وقتًا حتى تصبح الدورة منتظمة. خلال العامين الأولين لاستقبال الحيض الأول ، قد تكون هناك شهور لا تحدث فيها اباضة ولن يكون هناك حيض. تشكي العديد من الفتيات من آلام وصداع خلال هذه الفترة، ويُرتبط ذلك على ما يبدو بعمليات متعددة يمر بها الجسم وتدفق الهرمونات. بالمقابل ، يستمر الثدي بالنمو والتطور، ويستمر نمو الشعر في منطقة الفرج وتحت الابط. تصبح وتيرة نمو الطول أبطأ بعد ظهور الحيض وتكون متأنية أكثر. تقريبا في سن الـ16 تكتمل عملية النمو الجسدي، ولكن من الناحية النفسية والاجتماعية تستمر عملية الانتقال من الطفولة إلى البلوغ. في بعض الأحيان، نبدو شابات بالغات بينما نشعر من الداخل أننا لا نزال فتيات.
حتى بعد أن تصبح الدورة الشهرية منتظمة، فإن دورات الحيض تختلف.
لدى معظم النساء، يتراوح طول الدورة بين 25 إلى 35 يومًا. لدى بعضنا دورات منتظمة (ظهور النزيف يمتد لعدد ايام ثابت)، في حين أن دورات أخرى قصيرة أو طويلة. عدد أيام النزيف يتغير والمتوسط هو أربعة إلى ستة أيام. يتوقف التدفق ثم يبدأ مرة أخرى، حتى وإن لم يكن ذلك واضحًا دائمًا بالعين المجرَّدة. إفراز طبيعي خلال الحيض عبارة عن أربعة إلى ستة معالق (ربع كوب) أو 50-90 غرامًا. العديد من النساء يفاجئون عند اكتشاف هذه الحقيقة، لأن بالنسبة لمعظمنا يبدو أكثر من ذلك بكثير.
استقبال الحيض يُشير إلى عمليات بيولوجية صحية تحدث في الجسم
الصحة الجيدة بشكل عام. من الجيد السعي للحفاظ على نمط حياة يتضمن تغذية صحية يدمج نشاط جسدي منتظم وغير مفرط. يكون الجسم حساسًا جدًا للتغييرات الشديدة في التغذية – مثل الحمية الشديدة، أو التدريبات الرياضية الشديدة للغاية – ويمكن أن تتسبب في اضطرابات انتظام الحيض، وحتى إيقافه. في الحالات التي يرافق الحيض الغير منتظم نزيف مستمر، أو فقر الدم، أو زيادة غير عادية في الوزن، من المفضل التوجه الى الطبيب وطلب استشارة طبية.
من المدهش أننا نستخدم كلمات “دم” أو “نزيف” بشكل قليل، وبدلاً من ذلك نستخدم عبارات رموز لوصف “السرية”، ويكون معظمها ذو طابع سلبي. للأسف، قد تعبر الديانة أو الثقافة أحيانًا، في الطقوس والصلوات والتقاليد، عن نظرة سلبية تجاه الدورة الشهرية. ومع ذلك، على العكس من الآراء الشائعة، فإن نزيف الحيض ليس “نجاسة” أو نفايات يتخلص منها الجسم. الدم هو نسيج طازج وشاب يتجدد كل شهر ويحل محله نسيج جديد. الافرازات والروائح هي جزء طبيعي منا. السوائل المفرزة من المهبل تساعد على الحفاظ على النظافة كجزء من عملية تنظيف طبيعية، وكذلك جزء من دورة الخصوبة. يُوصى بغسل الجهاز التناسلي يوميًا بالماء الدافئ والامتناع تمامًا عن استخدام الغسول المعقم الخاص والاستخدام اليومي للفوط النسائية التي قد تؤدي إلى تغيير في الحموضة الطبيعية للمهبل.
نختار منتجات الامتصاص لدم الحيض وفقًا لما يكون مريحًا وملائمًا لنا. العديد من النساء يستخدمن منتجات تجارية، البعض يفضل استخدام منتج “خارجي”، مثل الفوط الصحية أو شريط قماشي. وهناك البعض الآخر يفضل المنتج “داخلي” الذي يُدخَل إلى الجسم، مثل السدادة القطنية (tampon)أو الكأس. (يُرجى متابعة المنشور المنفصل حول مجموعة متنوعة من منتجات الامتصاص).
أسئلة شائعة حول استخدام السدادة القطنية:
- هل ستختفي السدادة القطنية بداخلي؟ لا، بالطبع لا. جسمنا ذكي وعنق الرحم (الذي يحمي مدخل الرحم) لن يسمح للسدادة أن تنتقل بعيدًا جدًا. ومع ذلك، ليس من المستحسن استخدام السدادة بعد الولادة أو توسع وتجريف الرحم (عمليات تنظيف الرحم) أو الإجهاض أو عمليات جراحية نسائية.
- هل السدادات القطنية ستجعلني مريضة؟ لا، معظم الاحتمالات لا، إذا استخدمناها بشكل صحيح واستبدلناها بانتظام كل أربع إلى ست ساعات. من المستحسن عدم ترك السدادة في الجسم لفترات طويلة (مثل طوال الليل)؛ لا يجب استخدام سدادات قطنية ذات قدرة امتصاص أعلى من ما نحتاج، لأن ذلك قد يزيد من خطر “متلازمة الصدمة التسممية” (Toxic Shock Syndrome – TSS).
- هل سيؤثر استخدام السدادة القطنية على إكليل المهبل (غشاء البكارة)؟ بالعادة لا. اكليل المهبل (غشاء البكارة) مرن وليس محكمًا أو مغلقًا تمامًا لفتحة المهبل. ومع ذلك، يختلف شكل وحجم وسماكة غشاء البكارة من امرأة لأخرى. يمكن أن يتمزق غشاء البكارة أيضًا بدون وجود علاقة جنسية، وفي الجانب الآخر ، في الحالة التي يكون فيها غشاء البكارة مرن كثيرا يمكن ان تتم علاقة جنسية مهبلية دون أن يتأثر غشاء البكارة. وعدم نزيف دموي في أول مرة تتم فيها العلاقة الجنسية هو جائز بالفعل.
الام ومشاعر
في بداية ظهور الحيض، يمكن أن يسبب النزيف لضعف والدوخة أو الدوار والغثيان، وعادةً ما تزول هذه الأعراض فيما بعد. هذه الظواهر تكون طبيعية تمامًا. إلى جانب النزيف، قد تحدث أيضًا آلام وأعراض الحيض. هذه الآلام تدل على عملية طبيعية ومقبولة، وهي نتيجة انقباضات الرحم التي تهدف إلى إطلاق/طرح بطانة الرحم التي تم التحضير لها لاستقبال الحمل في حالة حدوثه. أي أن هذه الآلام هي ظاهرة طبيعية وتختلف عن معظم الآلام التي عهدناها. آلام الحيض هي ظاهرة طبيعية يمكن التعامل معها بواسطة “وسادة دافئة” على البطن، مسكنات الآلام والراحة. ومع ذلك، يجب أن نتذكر أن النشاط البدني المعتدل قد يحسن من الشعور بالألم.
مع ذلك، على الرغم من أن الدورة الشهرية والحيض هما عمليات طبيعية وعادية في حياتنا، بعضنا يعاني من آثار مزعجة بشكل خاص، وهي تشير إلى الحاجة إلى التحقق والعلاج لتجنب المعاناة الغير ضرورية
متى ينبغي التوجه للفحص لدى الطبيب/ة؟
آلام الحيض الشديدة قد تحدث بكثرة لدى الفتيات، اللواتي ايضا أمهاتهن وأخواتهن عانوا من ذلك من قبل. حتى إن كانت الظاهرة مألوفة لنا وتعاني نساء أخريات في العائلة صمتًا، ليس من الضروري أن نحتمل هذا وبوسعنا التوجه للطبيب/ة للحصول على العلاج المناسب، وخاصة عندما يكون الألم شديدًا جدًا أو يصاحبه أعراض مثل الحمى أو الإسهال أو القيء. هذه الأعراض لا تشير إلى مشكلة خطيرة، ولكن لأنها تؤثر على الوظائف اليومية وتسبب لنا العناء، من المستحسن التعامل معها باستخدام مضادات الالتهاب ومسكنات الألم.
في حالات آلام الحيض الشديدة قد يكون ذلك ناجمًا عن متلازمة بطانة الرحم المهاجرة (Endometriosis)، حيث يحدث انسحاب لبطانة الرحم إلى الفضاء البطني مما يسبب آلامًا شديدة جدًا. يتم التشخيص والعلاج عند طبيب/ة نسائي/ة، وقد يُوصى في بعض الأحيان بتناول حبوب (تابعي بتوسع والمزيد على الموقع www.wtb.org.il).
بالإضافة إلى التغييرات التي تم طرحها،يمكن أن يرافق سن البلوغ أحيانًا تجارب ليست بالضرورة لطيفة: البثور (حب الشباب) أو زيادة الشعر في المناطق المكشوفة مثل الوجه والظهر العلوي وبين الثديين. تلك الظواهر هي جزء من مسار البلوغ “العادية” ولكن في حالات محددة يمكن أن تكون دليلًا على اضطرابات هرمونية تستدعي التشخيص والتعامل بطريقة خاصة كما يحدث في متلازمة المبيض المتعدد الكيسات ( Polycystic ovary syndrome (PCO). هذه المتلازمة تنطوي على اضطراب هرموني (إفراز الهرمونات). بنية المبيضات مختلفة وتحتوي على نقص أو غياب التبويض وزيادة في هرمونات الذكورة مما يؤدي إلى ظهور أعراض مثل الزيادة في الوزن وظهور حب الشباب والعقم الذي قد يؤثر في المستقبل على الإنجاب. حوالي 5-10% من النساء يعانين من هذه الحالة ويتم التشخيص بواسطة طبيب/ة الأسرة أو النسائية.
من المهم أن نتذكر أن التشخيص المبكر والعلاج يمكن أن يحل كثيرًا من المشاكل الطبية. على سبيل المثال، يساعد نظام غذائي متوازن مع كمية منخفضة من الكربوهيدرات والنشاط البدني المنتظم في الحفاظ على وزن الجسم وتقليل الأعراض. عمومًا، ستكون العقاقير الأولى المعطاة هي حبوب منع الحمل لتنظيم الدورة الشهرية وتقليل مستوى الهرمونات الذكرية (الأندروجينات) والمساعدة في فقدان الوزن والتخلص من حب الشباب.
تمت كتابة المقال “الدورة الشهرية والحيض لدى الفتيات” على يد دانا فينبرغ وتال تمير، ونُشِر في كتاب “سرير ونصف מיטה וחצי” لي روبيني عام 2018.